ماذا يحدث لو تتحول الابنة في حسابات والدها إلى رقم مربح ومشروع استثماري ناجح لا غير؟ وماذا لو كان هذا الرقم يعني جيدا أنه قد تجرد من مشاعر الاحترام لمن يفترض أنه حامي سره وشرفه وهو الوالد؟ ما حدث مع سامية فاق حتى مجرد الإحساس بشيء اسمه رابطة الأبوة بوالدها حين أصبح يهيئها كل سنة لقبول صفقة زواجها من أحد شباب قريتها بصداق لا يقل عن ثمن بيع عقود العمل في الخارج على أن يتم فك عقد زواجها منه حين تعبر به شط الأمان إلى أوروبا.
تحمل سامية الجنسية الفرنسية، وهي اقصر الطرق التي تضمن لمن يتزوج بها الهجرة بطريقة قانونية ومشروعة وبلغ عدد ازواجها خمسة ازواج فيما ظلت تتمنى طيلة هذه اللعبة ان يخطئ احدهم بالاتفاق ويتزوجها الزواج الصحيح بلا طلاق محتوم، سامية تتحدث عن صفقاتها وما جنته من آخرها قائلة:
ـ لم تغير اقامة العائلة في أوروبا من نظرة الوالد للحياة، بل ولم تنزع عنه حالة الاحتياج اللصيقة بنفسه، الوالد الذي اختار الهجرة بديلا اختار بالمقابل ايضا ان لا يأخذ من حياته فيها القيمة والجودة، بل جرى جري الإبل العطشى وراء المال ولم يدرك بعد ان في الغرب اشياء هي أهم من تكديس الأموال وشراء العقارات، كانت ابنته ورقته الرابحة حين حولها الى مشروع استثماري رأسماله الخاص عرضها للزواج من شباب عاطل عن العمل في حاجة إلى الواجهة الاخرى من العالم للتخلص من الفقر، وشروط الزواج بها صداق باهظ يدفعه من اراد ان يلتحق بها باعتبارها زوجته في الديار الفرنسية التي تحمل الفتاة جنسية مواطنيها.
كانت تستعد كل سنة ستذهب فيها الى بلدها من اجل قضاء العطلة السنوية للقبول بمن يدفع اكثر من غيره ثمنا لزواج لا يكون على ورق فقط بل مصحوبا بحفل زفاف كبير تسعد فيه العائلة في موسم عودتها الى بلد تغيب عنه مدة سنة أو اكثر، لذلك تعيش من خلال هذه المناسبة على مظهر خادع وهو دخولها الى بيت زوجية من ورق وارباح نقدية، كانت تحس بأنها جزء من بقايا الاثاث والاواني البالية التي يجلبها والدها من فرنسا ليبيعها لمن يتلهفون على الماركات الباريسية ولو انها فقدت الكثير من جمالياتها وجودتها، كانت مع ذلك لا تملك جرأة ادخال والدها في ازمة رفضها للعروض التي تقدم له من اجل الزواج منها لضمان العبور الى الضفة الاخرى التي تسكن في الياف ذاكرتهم. وافقته على ولوج لعبة المتاجرة باسمها وشرفها كلما عادت الى قريتها التي كان كل سكانها يعرفون بأنها معروضة لزواجات سنوية مقابل مبالغ مالية كبيرة تضاهي ثمن شراء عقود العمل من وسطاء الهجرة، خمس مرات تجلس قبالة المدعويين كعروس حقيقية وخمس مرات توقع على عقد زواجها الذي لا يدوم اكثر من سنة واحدة اي الى حين ان تضمن لشريكها المزعوم الاستفادة من العبور بسلام الى فرنسا باعتباره زوجها ويحق له الالتحاق بي